عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع.
شرح كتاب العظمة المجموعة الثانية
108730 مشاهدة
الابتلاء يكشف معدن الإنسان من حيث الصدق والكذب

...............................................................................


وهكذا الذين صَدَّقُوا بما أخبر الله تعالى في الدار الآخرة من الجزاء على الأعمال الصالحة من الجنة والنار, ونعيم هذه, وعذاب هذه, حملهم هذا التصديق على أن تحملوا المشاق, وعلى أن صبروا على الابتلاء والامتحان الذي نالهم في ذات الله تعالى, فكان هذا هو السبب في أن تحملوا المشاق, وأن صبروا على الابتلاء لما أنهم عذبوا في مكة استغرب بعضهم، أنزل الله تعالى: أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ لماذا؟ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ أي: أن الابتلاء لأجل أن يظهر من عَلَم الله صدق إيمانه, ومَنْ علم كذبه في إيمانه, أو مَنْ علم ضعف الإيمان في قلبه, ومن علم قوة الإيمان.
ولذلك قال الله تعالى في آية أخرى: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ فهكذا أخبر الله أنه يبتليهم، فالذي يكون ضعيف الإيمان إذا أصابه خير ورزق وصحة وسعة بال وأمن واطمئنان بقي على ما هو عليه, فإذا ابتلي وأصابته فتنة ومرض وموت قريب أو نحوه وفقر وفاقة وعذاب وحبس وضيق ونحو ذلك انقلب على عقبه, ارتد عن ما هو عليه, وكذّب بما هو عليه, وسب ما جاء به أو ما يعمله, وادّعى أن دخوله في الإيمان سبب لشقائه وما أشبه ذلك.
لا شك أن هذا هو السبب في امتحان الله تعالى بعضَ الناس عندما يكون الإيمان ضعيفا.